يَشُقُّ الفَجْرُ شَرْنَقَةَ اللّيْلِ
بِتَكَاسُلٍ .. يَسْتَيْقِظُ
يَلثُمُ بِجَفْنَيْهِ ،
نَهَارَ المَدِينَةِ المُكَبَّلِ
بِالسَّوَادْ !
يَهْطِلُ النَّدَى ،
المُعَمَّدُ بِرَذَاذِ الحُزْنِ
يَغْسِلُ نُعَاسَ الحُلْمِ
المُعَشِّشِ فَوقَ غُصْنٍ
تَدَلّى
مِن خَاصِرَةِ غَيْمَةْ ..
تُحَلِّقُ النَّوَارِسُ المُلَطّخَةُ بِالبَيَاضِ
فَوْقَ شُرُفَاتٍ
مُشْرَعَةٍ لِلرَّحِيلْ ..
تُطِلُّ عَلَى ذَاكِرَةِ البَحْرِ
فَتُلَمْلِمُ
غُبَارَ الذِّكرَيَاتِ العَالِقةِ فِي ضَفَائِرِ الخَرَابْ ..
اكْتَظَّتِ السَّمَاءُ بِالمَوتِ المُحَلِّقِ فِي حُقُولِ السَّحَابْ
كَعَاشِقٍ ،
يَقطِفُ مِن بَسَاتِينِ الفَنَاءِ
وَرْدَاً / حِمَمَاً
يُودِعُهُ .. عُنَقَ غَزّة ..
يُطوِّقُها .. يَفِضُّ بِكَارَتَها
تَتَشَظَّى .. تَتَلظَّى
تَنْزَوِي بَاكِيَةً
بَيْنَ أحْضَانِ السَّرَابْ !
تَرْتَدِي المَدِينَةُ جِلْبَابَ الشُّحُوبْ
تَرشِفُ نَبِيذَ الوَجَعِ
المُعَتَّقِ فِي قَوَارِير الفَرَاغْ ..
تَتَرَنَّحُ ،
فِي مَهَبِّ النِّهَايَاتِ
وَتَرْقُصُ ،
لِعَزْفٍ أبْكَمٍ
عَلَى أوْتَارِ الغِيَابْ ..
.... وَتَفَتَّتَ الحُلُمُ فِي عُيُونِ غَزَّةْ ..
كَالمَرَايَا ..
كَالمَوجِ المُتَكَسِّرِ عَلى حَافَّةِ البَيَاضْ
كَالأزِقَّةِ المُتَناثِرَةِ عَلى قَارِعةِ الجُوعْ
تَئِنُّ ،
كَالسَّبَايَا ..
كَابْتِهَالاتِ المُتَصوِّفِينْ
كَشَظايَا الدّمعِ المُخَضَّبِ بِالأَنِينْ ..
لَا مَكَانَ لِغَزَّةَ فِي غَزَّةْ ..
تَصُرُّ بَقَايَا أشْلَائِهَا
تَمْتَطِي ظِلَّهَا
وَتَرحَلُ ..
نَحوَ اللّاعَودَةِ
يَبتَلِعُهَا الضَّبَابْ !
بقلمي (أبو الوفا)